03 - 11 - 2025

ضوء | صرخة مكتومة.. صرخة بلا صدى

ضوء | صرخة مكتومة.. صرخة بلا صدى

إلى نساء فلسطين

في كل مدن فلسطين..

يا زهرة النرجس تفتحي وعانقي زهرة الياسمين..

كل نساء البحرين وكل نساء الوطن العربي يرسلن تحية المحبة إلى المرأة الفلسطينية.. يمددن الأيادي معانقات النساء الفلسطينيات في غزة والقدس ونابلس وجنين.. وفي كل شبر من الأرض الطاهرة الأبية..أرض فلسطين..

وأنت أيتها المرأة الفلسطينية العظيمة الشجاعة، يا من صنعت الأساطير والمعجزات بصمودك الجبار.. بتفردك في الصبر والثبات.. بكفاحك من أجل توفير لقمة العيش لأطفالك وأسرتك..

يا من تعانين من القمع الوحشي والإضطهاد الصهيوني والتجويع والقتل والأسر والقهر، ومن الإبادات الجماعية المتتالية منذ ١٩٤٨ وحتى اللحظة..

ونحن تتسمر أعيننا أمام الشاشات، والصور المرعبة تحاصرنا، ونعيش الرعب والأرق والمرض والحزن والاكتئاب..

العجز .. هذه الكلمة القاتلة.. كلنا عاجزون عن فعل شيء عملي.. كلنا محنّطون.

هل أوقفنا القصف الهمجي على بيتك وأهلك ؟ هل عمرّنا مدرسة أو مستشفى لأسرتك ؟

هل منعنا المجاعة عنك؟ هل أطعمنا أفواه أطفالك

هل سقينا العطشى؟

هل آوينا المشردين؟

هل أرجعنا أرضك وحقلك وحقك المسلوب ؟

أنت أيتها المرأة الفلسطينية أنت من يعطينا الأمل، أتصدقين؟ أنت المحاصرة المجوّعة المقهورة.. أنت من يمدّنا بشعاع الأمل.. انجبي انجبي.. إن ولادة طفل فلسطيني نصر لنا وهزيمة للصهاينة..

أيتها المرأة المناضلة أم الشهيد وزوجة الشهيد وابنة الشهيد..

أيتها الزهرة الخالدة ماذا يمكن أن نقدم لك ؟

صمت صمت يتوج هذا الظلام العربي على هذا الحزن الفائض المتخمر فينا.. ونحن نرى فلسطين تودع قوافل الشهداء في براءة الطفولة وعنفوان الشباب.. في قوافل المسعفين والمسعفات، الأطباء والطبيبات، الصحفيين والصحفيات، الطلبة والطالبات، المعلمين والمعلمات، الأسيرات والأسرى، قوافل لا تنتهي.. والأم تنوح..  وفلسطين تنادي وتستغيث.. ولا تسمع سوى رجع الصدى،

فأما آن لهذا الظلام أن يزول وينتهي ؟

وإليك يا غزة العزة خاصة.. للجمر المكتوم تحت الرماد .. لقلب الأم المتوشح ذاك السواد .. مال رأس الطفلة صوب الأرض وقالت: الأرض لي .. البحر لي .. والسماء لي .. يرى العوسج أشلاءنا المتناثرة ودماءنا المتطايرة ويصرخ: صامدون.

والوردة في تلك اللحظة تنتظر طلتنا البهية وضحكتنا الشقية ..

تواصل الطفلة هذيانها: ها أنا ذا أبكي دم الأقصى، يوجعني دمع أمي .. ودمي فداء أرضي .. أحب الحياة .. لكن الموت يأخذني بغتة .. أصرخ .. أهذا قدري؟  أنا وحدي في موت بحر غزة.

تصحو الشمس من غيبتها السحيقة .. وينهمر البحر حاملًا عشقه في المراسي البعيدة .. وتغني الريح أغنية السحب الأثيرة .. فتلتهب الشمس ويهدر البحر وينتفض القلب، وبصوت واحد نسمع:

يا طفلتي لست وحدك .. نحن معك، والحق معك، وكل الآمال فيك ولك.

بياض النرجس يخجل من أطرافك الناعمة، وسواد الليل الفاحم يطوق أهدابك الناعسة، وعيون النهار تستمد الضوء من روحك الزاهية .. فتأهبي يا صغيرتي للمقاومة.
-------------------------
بقلم: د. أنيسة فخرو
سفيرة السلام والنوايا الحسنة
المنظمة الأوروبية للتنمية والسلام


مقالات اخرى للكاتب

ضوء | صرخة مكتومة.. صرخة بلا صدى